منتديات طريق المشتاقون الى الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي المسلم / أختي المسلمة
ان كنتم ترغبون في الحصول علي ثواب عظيم ما عليكم سوي ارسال المواضيع المفيدة الي منتدانا المتواضع
التي يمكن ان ينتفع بها الكثيرين وذلك لا يتم الا بعد التسجيل في المنتدي
سنتشرف بتسجيلكم
وشكرا
إخوانكم في ادارة المنتدى
منتديات طريق المشتاقون الى الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي المسلم / أختي المسلمة
ان كنتم ترغبون في الحصول علي ثواب عظيم ما عليكم سوي ارسال المواضيع المفيدة الي منتدانا المتواضع
التي يمكن ان ينتفع بها الكثيرين وذلك لا يتم الا بعد التسجيل في المنتدي
سنتشرف بتسجيلكم
وشكرا
إخوانكم في ادارة المنتدى
منتديات طريق المشتاقون الى الجنة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
نتمنى لكم قضاء اسعد الاوقات معنا في منتدانا المتواضع ونتمنى من الزوار التسجيل لاعلاء شأن المنتدى الى الافضل
نحيط الزوار الكرام علما بان المنتدى قيد الانشاء والتطوير باذن الله تعالى

 

 اعمالهم كسراب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو صهيب
تميز
تميز
ابو صهيب


ذكر

عدد الرسائل : 74
العمر : 30
تاريخ التسجيل : 17/07/2009

اعمالهم كسراب Empty
مُساهمةموضوع: اعمالهم كسراب   اعمالهم كسراب Emptyالثلاثاء أغسطس 04, 2009 3:51 pm

والذين كفروا بربهم أعمالهم كسراب

قال الله عز وجل :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ* أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾(النور:39- 40) .

أولاً- في هاتين الآيتين الكريمتين مثَّل الله تعالى لأعمال الذين كفروا بتمثيلين ، شبه أعمالهم في الأول بسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، وشبهها في الثاني بظلمات في بحر لجيٍّ . ومناسبتهما لمَا قبلهما أن الله تعالى ذكر- فيما تقدَّم من آيات- حال المؤمنين الذين نوَّر قلوبهم وعقولهم بنوره الذي تجلَّى في السموات والأرض ، وتبلور في بيوته التي أذن أن ترفع ، ويذكر فيها اسمه ، فعبدوا ربهم مخلصين له الدين ، وعمَروا بيوته بالذكر والتسبيح ، لا يشغلهم عن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة شاغل ، ولا يصرفهم عن ذلك صارف ، يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار ، فلا تثبت على شيء من الهول والكرب والاضطراب، يعلِّقون رجاءهم بثواب الله الذي وعدهم . ويحقق الله تعالى وعده ، فيجزيهم ثواب أعمالهم مضاعفًا ، ويزيدهم من فضله ما لم يكن يخطر لهم ببال ؛ وذلك قوله تعالى :

﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب (النور: 36- 38)

ثانيًا- وفي مقابل ذلك ذكر الله تعالى حال الكافرين الذين أعرضوا عن نوره سبحانه ، وأغلقوا دونه بصائرهم وأبصارهم ، وآثروا الظلمة على النور ، والضلال على الهدى ، فمثَّل لهم ولأعمالهم بهذين التمثيلين الحافلين بالحياة والحركة . يقتضي الأول منهما أن أعمالهم التي يحسبونها نافعة لهم في آخرتهم ؛ إنما هي أعمال باطلة مخيبة لهم في العاقبة ومهلكة لهم ، ولا يجيئهم منها إلا البلاء وسوء المنقلب . ويقتضي الثاني منهما حالها في الدنيا من أنها في الغاية من الضلال والغمة التي مآلها ما ذكر من تناهي الظلمات . 

1- أما التمثيل الأول فهو قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾(النور:39)

وهو تمثيل يصوِّر أعمال الذين كفروا في بطلانها وعدم انتفاع أصحابها بها ، حينما يكونون في أشد الحاجة إلى ذلك النفع ، بصورة سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، فيتعلق به قلبه ، ويسعى إليه حثيثًا لاهثًا . وكلما بلغ به سعيه مرحلة ، وجده يتحرك أمامه ، ويفلت من بين يديه .. وهكذا إلى أن تتقطع أنفاسه وتخور قواه . وبعد هذا الجهد المتواصل والمعاناة الشاقة يصل إلى حيث كان يخيل إليه أنه ماء ، فلم يجده شيئًا ؛ فتتضاعف لذلك حسرته ، ويشتد يأسه وقنوطه ، وتغلي مراجل غيظه وظمئه . وليس هذا وحسب ؛ بل إنه يجد نفسه فجأة أمام هول رهيب ، يمسك بتلابيبه ، ويقوده إلى حتفه وهلاكه . كذلك الكافر يحسب أن أعماله في دنياه نافعةً له في آخرته ، فإذا كان يوم القيامة وقدم على ربه ، لا يجد لها أثرًا من ثواب ، أو تخفيف عذاب . 

وقوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ ظاهره العموم ، فيندرج فيه عبدة الأصنام من الأمم السابقة والأمم اللاحقة ، وأهل الكتاب من النصارى الذين عبدوا المسيح ، واليهود الذين اتخذوا أحبارهم أربابًا من دون الله تعالى ، والمجوس الذين عبدوا النار ، والمانَوِيَّة الذين عبدوا النور .. وغيرهم . وهو جملة استئنافية ، والموصول مع صلته مبتدأ ، خبره جملة ﴿ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَاب بِقِيعَةٍ ﴾ من المشبه والمشبه به . 

وكان نظم الكلام يقتضي أن يقال :﴿ وَأَعْمَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا أ كَسَرَاب بِقِيعَةٍ ﴾ . ولو قيل ذلك ، لكان بليغًا ، لما فيه من الإيجاز ؛ ولكن تعبير القرآن أبلغ ؛ لأن الحكم على هذه الأعمال بأنها باطلة فاسدة ، ليس لكونها كذلك في ذاتها ؛ ولكن لكونها أعمال أولئك الذين كفروا .. فلا شيء يبطل العمل ، ويجعله فاسدًا عديم النفع مثل الكفر ، ولا شيء يبقي عليه ، ويجعله مثمرًا نافعًا مثل الإيمان . وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾(محمد: 1- 3) .

وقوله تعالى :﴿ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ . أي : جعلها ضالة . أي : ضائعة محبطة بالكفر ، لا ثواب لها ولا جزاء . ونظير ذلك قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾(محمد: 8- 9) . أي : لأجل ذلك أحبط الله تعالى أعمالهم التي لو كانوا عملوها مع الإيمان ، لأثابهم عليها . 

وعليه يكون المشبه به ، وهو :﴿ أَعْمَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ ، مركَّب من محسوس ومعقول ، والمشبه به ، وهو :﴿ سَرَابٌبِقِيعَةٍ ﴾ محسوس . أي : داخل تحت إدراك الحواس .

والسراب : ظاهرة ضوئية سببُها انعكاس الشعاع من الأرض عندما تشتد حرارة الشمس ، فيظنه الإنسان ماء يجري ويتلألأ على وجه الأرض . واشترط الفرَّاء فيه اللصوقَ بالأرض . وقيل : هو ما ترقرق من الهواء في الهجير في فيافي الأرض المنبسطة ، وأوهم الناظر إليه على البعد أنه ماء سارب . أي : جار . وسُمِّيَ بذلك ؛ لأنه ينسرب كالماء في مرأى العين ، وما هو إلا وَهْمٌ ، لا حقيقة له . ولهذا يقال :« السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة » . قال الشاعر :  

فلما كففنا الحرب كانت عهودكم ** كلمع سراب في الفلا متألق

وقوله تعالى :﴿ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَاب ﴾ بالتنكير ، ينبىء عن سراب ضئيل تافه ، بخلاف ما لو جيء به معرَّفًا . ووراء ذلك ما وراءه من تعلق نفس الظمآن بالأمل ، ولو كان ضعيفًا تافهًا . واستعمال الكاف ، دون غيرها من أدوات التشبيه ، يجعل هذه الأعمال- في حقيقتها وصورتها- في مرتبة أدنى من مرتبة السراب- في حقيقته وصورته- ووراء ذلك ما وراءه من إزراء لها ، واستخفاف بأصحابها ؛ ونحو ذلك تشبيه أعمال مثل الذين كفروا بربهم بالرماد في قوله تعالى :

﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ﴾(إبراهيم: 18) .

وصورة السراب الذي يحسبه الظمآن ماء ، وإن كانت تشترك في الموضع مع صورة الرماد الذي تعصف به الريح في المثل السابق ، إلا أنها تختلف عنها اختلافًا دقيقًا ومهمًّا ؛ وذلك في المغزى ، ولب الغرض .. وبيان ذلك :

أن صورة السراب تهتم بتصوير اللهفة ، والحاجة الماسَّة إلى الانتفاع بهذه الأعمال ، ثم الخيبة والمفاجأة بخديعة الأمل ، وأنه ما كان إلا وهمًا ؛ ولهذا كانت عناصرها : الظمآن ، والسراب . وهذان اللفظان هما- كما ترى- لهما دلالة قوية على هذا المغزى ؛ بل إن لفظ السراب يكاد يكون رمزًا حيَّا في هذا الباب . 

أما صورة الرماد فإنها تهتم ببيان عدم النفع لهذه الأعمال ، وأنها تصير بددًا ، من غير أن تركز على معنى اللهفة والتعلق الذي ركزت عليه صورة السراب ؛ ولهذا كانت عناصرها : الرماد ، والريح ، واليوم العاصف . وكلها- كما ترى- تؤكد معنى الضياع الذي يعقبه الهلاك ، إضافة إلى ما ينطوي عليه لفظ الرماد من معنى الاحتراق ، والخفة ، وقلة الشأن .

أما القيعة فهي الأرض القفر المستوية التي لا تنبت الشجر . وقيل : هي جمع : قاع وقيعان ؛ كجيرة وجار وجيران . وقيل : القيعة مفرد ؛ وهو بمعنى القاع .. ولما كان السراب هو ما ترقرق من الهواء في الهجير في فيافي الأرض المنبسطة ؛ وكأنه ملتصق بها ، جيء بالباء الدالة على الإلصاق في قوله تعالى :﴿ بقيعة ﴾ للتعبير عن هذا المعنى . ولو قيل Sad كسراب في قيعة ) ، لدل ذلك على أن القيعة كالظرف للسراب ، وأن السراب داخل القيعة ، وهو ليس كذلك ؛ ولهذا اشترط الفرَّاء في السراب أن يكون ملتصقًا بالأرض . 

وفي قوله تعالى :﴿ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء ﴾ إشارة إلى خداع النفس بعد خداع البصر بهذا السراب ؛ فإن لهفة الظمآن وحرارة شوقه إلى الماء تغطي على عقله ، فيحسب السراب ماء ؛ مثله في ذلك مثل الخائف المذعور في سواد الليل ووحشته ، يمثِّل له الوهم أشباحًا تطلع عليه من كل أفق ، تريد الانقضاض عليه والفتك به ؛ ولهذا اختير للتعبير عن هذا المعنى ﴿ يَحْسَبُهُ ﴾ ، دون ﴿ يظنُّه ﴾ ، وجيء به على صيغة المضارع ؛ ليفيد معنى التجدُّد والاستمرار . 

ويظهر لنا سر اختيار الفعل ﴿ يَحْسَبُ ﴾ ، دون الفعل ﴿ يظنُّ ﴾، إذا علمنا هذا الفرق الدقيق بينهما في المعنى ؛ وهو : أنَّ يحسِب من الحِسبان بكسر الحاء . والحِسبانُ هو أن يحكم الحاسِبُ لأحد النقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله ، فيحسِبه ويعقد عليه الأصبع ، ويكون بعَرَض أن يعتريه فيه شك . أما يظنُّ فهو من الظنِّ . والظنُّ هو أن يخطر النقيضان ببال الظانِّ ، فيُغلِّب أحدهما على الآخر . 

وهذا الظمآن عندما رأى السراب حَسِبَه ماء ، ولم يخطر بباله أبدًا أنه نقيض الماء ، فعقد عليه العزم ، وراح يلهث وراءه . لقد خدعه هذا السراب الكاذب ؛ كما خدع أولئك الذين كفروا أعمالهم الباطلة ، فرأَوْها حسنة ، وحسِبوها نافعة ، وكان ذلك سبب شقائهم وضلالهم وضياعهم ، والله تعالى يقول في محكم كتابه :﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ﴾.

ولو قيل Sad يحسَبه الرائي ماء ) بدلاً من قوله تعالى :﴿ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء ﴾ ، ثم يظهر أنه على خلاف ما قدَّر ، لكان بليغًا ؛ ولكن أبلغ منه لفظ القرآن ؛ لأن الظمآن أشد حرصًا على الماء من الرائي ، وقلبُه أكثرُ تعلقًا به منه .. ثم إن لفظ الظمآن بما ينطوي عليه من معنى المبالغة ، وبما يوحي به من معنى اللهفة والتحرُّق وشدة الحاجة ، ثم شدة الإعياء والخيبة ، يكسب الصورة ثراء وخصوبة ، ويعطيها بعدًا وعمقًا يجعلها أقدر على التعبير والإيحاء . 

وقوله تعالى :﴿ حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ﴾ يعني : حتى إذا جاء الظمآن ما حسِبه ماء- وهو السراب- وعلَّق به رجاءه ، لم يجده شيئًا أصلاً ، لا محققًا ، ولا متوهَّمًا ؛ كما كان يراه قبل المجيء . وهو جملة شرطيَّة مؤلفة من عبارتين : الأولى شرطية :﴿ حَتَّى إِذَا جَاءهُ ﴾ . والثانية جوابية :﴿ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ﴾ . أما الأولى فقد أشارت بدخول ﴿ حَتَّى ﴾ على ﴿ إِذَا ﴾ إلى نهاية رحلة شاقة ، ومعاناة طويلة ، أجهده فيها الظمأ ، وحفزه إليها الأمل ، وأفادت باستعمال ﴿ إِذَا ﴾ أن الشرط قد تحقق في نهاية هذه الرحلة . 

وأما العبارة الجوابية فقد جيء فيها بلفظ ﴿ شَيْئاً ﴾ مفعولاً به ثانيًا لقوله :﴿ لَمْ يَجِدْهُ ﴾ ؛ ليفيد معنى العدم . وكان يمكن أن يقال Sad لم يجده ماء ) ؛ ولكن لفظ ﴿ شَيْئاً ﴾ جعله عدمًا محضًا .. فتأمل هذا الشرط الذي ربط هذا العدم المحض بذلك السعي الدءوب ، وهذا هو الخسران المبين ! وصدق الله سبحانه ؛ إذ يقول :

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ﴾

 (الكهف:103-105)  

تأمل بعد ذلك هذه الهاء في قوله تعالى :﴿ لَمْ يَجِدْهُ ﴾ ، وكان يمكن أن يقال Sad لم يجد شيئًا ) ؛ ولكن ذكرُ الهاء نصَّ على الأمل المنشود ، وصيَّره عدمًا ، وفي ذلك إبراز للمغزى ، وخيبة الأمل . وشيء آخر في ذكر هذه الهاء ، وهو تهيئة الكلام لما بعده ؛ لأنه لو قيل Sad حتى إذا جاءه ، لم يجد شيئًا ) ، لكان ذلك متناقضًا مع قوله :﴿ وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ ﴾ .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اعمالهم كسراب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طريق المشتاقون الى الجنة :: منتديات القران الكريم والسيرة النبوية الشريفة :: منتدى الاعجاز البياني في القران الكريم-
انتقل الى: